قواعد تفسير الأحلام - الدرس السابع

mezanaltabeer
المؤلف mezanaltabeer
تاريخ النشر
آخر تحديث

 قواعد تفسير الأحلام - الدرس السابع 


هو درس مهم جدا وغني بالمعلومات القيمه التي يحتاجها مفسر الأحلام ، كمرجع لا غنى له عنه ،، فكل بناء له اساس يبنى عليه حتى يعلو البناء على قدر قوة الاساس ، فإذا كان الاساس ضعيفا فلن يعلوا البناء ، وكذلك علم تفسير الأحلام له اساسيات وقواعد تبنى عليها العباره ،، وسنتطرق الى الجزء السابع  لهذا الأساس في هذه المقالة الفريده من نوعها.

قواعد تفسير الأحلام - الدرس السابع

ما هو العلم الذي يحتاجه مفسر الأحلام

وليس نوع من العلم مما ينسب إلى الحكمة إلا يحتاج إليه مفسر الأحلام  في تأويل الرؤيا، حتى الحساب وحتى الفرائض والأحكام و الألفاظ العربية وغرابتها لمعاني الأسماء وغيرها، وما فيها من أمثال الحكمة وشرائع الدين والمناسك والحلال والحرام والصلاة والوضوء وغير ذلك من العلم.
 والاختلاف فيه يقاس عليه ويؤخذ منه فيه، فليكن ما في يدك من الأصول المفسرة لك، أوفق عندك مما يأتيك به صاحب الرؤيا ليزيلك عنها وإن كان ثقة صدوقاً عندك .
واعلم أنه لم يتغير من أصول الرؤيا القديمة شيء، ولكن تغيرت حالات الناس في هممهم وآدابهم وإيثارهم أمر دنياهم على أمر آخرتهم، فذلك صار الأصل الذي كان تأويله همة الرجل وبغيته، وكانت تلك الهمة دينه خاصة دون دنياه، فتحولت تلك الهمة عن دينه وإيثاره إياه، فصارت في دنياه وفى متاعها وغضارتها وهي أقوى الهمتين عند الناس اليوم إلا أهل الدين والزهد في الدنيا. 

وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يرون التمر فيتأولونه حلاوة دينهم، ويرون العسل فيتأولونه قراءة القرآن، والعلم والبر وحلاوة ذلك في قلوبهم، فصارت تلك حلاوة اليوم والهمة في عامة الناس في دنياهم وغضارتها إلا القليل ممن وصفت.

وقد يرى الكافر الرؤيا الصادقة حجة الله عليه،  الا ترى فرعون يوسف رأى سبع بقرات كما أخبر الله تعالى في كتابه فصدقت رؤياه، ورأی بختنصر زوال ملكه وعظيم ما يبتلى به، فصدقت رؤياه على ما عبرها له دانيال الحكيم، ورأى كسرى زوال ملكه فصدقت رؤياه، فاعرف هذا المجرى في التأويل، واعتبر عليه ترشد إن شاء الله تعالى .

ثم رؤيا يوسف عليه السلام وهي ما جاء عن محمد بن عبد الله بن محمد، قال: أخبرنا الحسن ابن محمد الأزهري قال: حدثنا محمد بن أحمد بن البراء، قال: حدثنا عبد المنعم بن إدريس قال: حدثني أبي، عن وهب بن منبه أن يوسف بن يعقوب عليهما السلام رأى رؤيا، وهو يومئذ صبي نائم في حجر أحد إخوته وبيد كل رجل منهم عصا غليظة يرعى بها ويتوكأ عليها ويقاتل بها السباع عن غنمه، وليوسف عليه السلام قضيب خفيف دقيق صغير يتوكأ عليه ويقاتل به السباع عن غنمه ويلعب به وهو إذ ذاك صبى فى الصبيان، فلما استيقظ من نومه وهو في حجر أحد إخوته قال: ألا أخبركم يا إخوتي برؤيا رأيتها في منامي هذا ؟ قالوا : بلى فأخبرنا ، قال : فإني رأيت قضيبي هذا غرز في الأرض، ثم أتى بعصيكم كلها فغرزت حوله فإذا هو أصغرها وأقصرها، فلم يزل يترقى في السماء ويطولها حتى طال عصيكم فثبت قائماً في الأرض، وتفرشت عروقه من تحتها حتى انقلعت عصيكم فثبت وسكنت حوله عصيكم.

فلما قص عليهم هذه الرؤيا قالوا: يوشك ابن راحيل أن يقول لنا: أنتم عبيدى وأنا سيدكم، ثم لبث بعد هذا سبع سنين فرأى رؤيا فيها الكواكب  والشمس والقمر، فقال لابيه: يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكيا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين .

﴿ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾  [ يوسف: 4].

فعرف يعقوب تأويل الرؤيا وخاف عليه من إخوته - فالقمر أبوه، والشمس أمه، والكواكب اخوته، فقال: { قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } (5)

وذكر القصة إلى أن قال: وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ۖ وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ۖ (يوسف: ١٠٠) يعنى أجلسهما على السرير، وأواهما إلى منزله، وخر له أبواه وإخوته سجدا، تعظيماً له، وكانت تحية الناس في ذلك الزمان السجود، ولم نزل تحية الناس السجود حتى جاء الله تعالى بالإسلام فذهب بالسجود ،  وجاء  بالمصافحة.

ثم إن  يعقوب  عليه السلام  رأى فى المنام قبل أن يصيب  يوسف  ما فعل  إخوته  وهو صغير ، كأن عشرة  ذئاب  أحاطت  بيوسف، ويعقوب  على جبل، ويوسف فى السهل، فأحاطت به ، فأشفق عليه يعقوب  وهو ينظر إليه من فوق الجبل، إذ انفرجت الأرض ليوسف فغار فيها، وتفرقت عنه الذئاب، فذلك قوله لبنيه :( وأخاف أن يأكله الذئب ) (يوسف : (١٣).

ثم قصة موسى ، وهو ما ذكر وهب أن فرعون حلم حلما أخافه ،  رأى كأن نارا خرجت من الشام أقبلت حتى انتهت إلى مصر ، فلم تدع شيئًا إلا أحرقته وأحرقت كل بيوت مصر ومدائتها وحصونها، فاستيقظ من نومه فزعا مرتاعا ، فجمع لها ملأ عظيماً من قومه ، فقصها عليهم، فقالوا له : لئن صدقت رؤياك ليخرجن من الشام رجل من ولد يعقوب يكون هلاك مصر وهلاك أهلها على يديه ، وهلاكك أيها الملك ، فعند ذلك أمر فرعون بذبح الصبيان حتى أظهر الله تعالى تأويل رؤياه ، ولم تغن عنه حيلته شيئًا ، وربى موسى عليه السلام في حجرة، ثم أهلكه على يده، عزت قدرته وجلت عظمته .

ثم رؤيا المصطفى صلوات الله وسلامه عليه وهي ما أخبر به أبو سهل بن أبي يحيى الفقيه، قال: حدثنا جعفر بن محمد الفريابي قال: حدثنا هشام بن عمار ، قال: حدثنا صدقة، قال: حدثنا ابن جابر، عن سليمان بن عامر الكلاعي، قال: حدثنا أبو أمامة الباهلي، قال: سمعت رسول الله يقول: بينما أنا نائم إذ أتاني رجلان، فأخذا بضبعي فأخرجاني وأتيا بي جبلاً وعراً، فقالا لي اصعد ، فقلت لا اطيقه ، قال لي سنسهله لك قال فصعدت حتى اذا كنت في سواء الجبل اذ انا  بصوت شديد فقلت ما هذه الأصوات؟ فقالوا هذه عواء اهل النار ثم انطلق بي فاذا بقوم معلقين بعراقيبهم مشققه تسيل اشداقهم دما فقلت من هؤلاء قالا
: هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم فقلت خابت اليهود والنصارى، قال سليمان فلا ادري،  أشيء سمعه ابو امامه عن النبي صلى الله عليه وسلم او شيء قاله برايه .

قال ثم انطلقا بي ، فاذا بقوم اشد منهم انتفاخا وانتنهم ريحا كأن ريحهم المراحيض فقلت من هؤلاء قالا هؤلاء الزانون والزواني قال ثم انطلق بي فاذا بغلمان يلعبون بين نهرين فقلت من هؤلاء قال هؤلاء ذراري المسلمين ثم شرفا بي شرفا فاذا بنفر ثلاثه يشربون من خمر لهم فقلت من هؤلاء قالا هؤلاء زيد وجعفر وابن رواحه ثم شرفا  شرفا اخر فاذا بنفر ثلاثه قلت من هؤلاء قال هؤلاء هم ابراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام وهم  ينتظرونك.

وجاء عن ابو سعد احمد بن محمد بن ابراهيم قال حدثني علي بن محمد الوراق قال حدثنا احمد بن محمد بن نصر قال اخبرنا يوسف بن بلال عن محمد بن مروان الكلبي عن ابي صالح عن ابن عباس قال: سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم واخذ عن عائشه فاشتكى لذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى تخوفنا عليه, فبينما هو صلى الله عليه وسلم بين النائم واليقظان

 اذا ملكان احدهما عند راسه والاخر عند رجليه فقال الذي عند راسه  للذي عند رجليه ما شكواه ،  ليفهم عنهما صلى الله عليه وسلم ,  قال طب ، قال من فعله ، قال لبيد بن اعصم اليهودي ، قال اين صنعه ، قال في بئر فروان ، قال فما دواؤه قال يبعث الى تلك البئر فينزح ماءها ثم ينتهي الى صخره , فيقلعها فاذا فيها وتر في كربه عليها 11 عقله فيحرقها فيبرا ان شاء الله ، اما انه ان بعث اليها استخرجها قال فاستيقظ صلى الله عليه وسلم وقد فهم ما قيل له.

قال فبعث عمار بن ياسر ورهطا من اصحابه الى تلك البئر وقد تغير ماؤها، كأنه ماء الحناء قال فنزح ماءها ثم انتهى الى الصخره فاقتلعها فاذا تحتها كربه وفي الكربه وتر فيه 11 عقده فاتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هاتان السورتان (قل اعوذ برب الفلق) و (قل اعوذ برب الناس) وهما 11 ايه فكلما قرأ  ٱيه  انحلت عقده فلما حل العقد قام النبي صلى الله عليه وسلم،  وكانما نشط من عقال،  

قال واحرق الوتر ، قال : وامر النبي صلى الله عليه وسلم ان يتعوذ بهما وكان لبيد ياتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم ولا رؤي في وجهه شيء ، فهذه جمله داله على تحقيق امر الرؤيا وثبوتها في اخبار كثيره يطول ذكرها.

قال الاستاذ ابو سعد  : لما رأيت العلوم تنوعت انواعا كثيرة ، فمنها ما ينفع في الدنيا دون الدين ، ومنها ما ينفع  فيهما جميعا ،  فعلم الرؤيا المنامية وتعبيرها ينفع دينا ودنيا ، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يسال اصحابه كل يوم هل راى احد منكم البارحه رؤيا فيقصونها عليه فيعبرها لهم ثم سالهم اياما فلم يقص عليه احد منهم رؤيا فقال لهم كيف ترون وفي اظفاركم الرفع،  وذلك ان اظفارهم قد طالت وتقليمها من الفطره.

 ومنها ان ينام الانسان على ظهره وقد روى عن ابي ذر رضي الله عنه قال: اوصاني خليلي بثلاث لا ادعهن حتى اموت، صوم ثلاثه ايام كل شهر وركعتي الفجر وان لا انام الا على طهر، يعني الوضوء.

 ومنها ان ينام على جنبه الايمن فان النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن في كل شيء وروى انه كان ينام على جنبه الايمن ويضع يده اليمنى تحت خده الايمن ويقول اللهم اعطيني عذابك يوم تبعث عبادك .

ومن الامور الهامه في تعبير الرؤيه ان يميز المعبر بين اصحاب الرؤيه فلا يفسر رؤيا السلطان حسب رؤيا الرعيه، فان الرؤيا تختلف باختلاف احوال صاحبها. والعبد اذا راى في منامه ما لم يكن له اهلا فهو لمالكه، لانه ماله.

وكذلك المراه اذا رات ما لم تكن له اهلا فهو لزوجها لانها خلقت من ضلعه وتاويل رؤيه طفل لابويه ومنها ان يتفكر في رؤيه تقص عليه فان كانت خيرا عبرها وبشر صاحبها قبل تعبيرها وان كان شرا امسك عن تعبيرها او عبرها على احسن محتملاتها فان كان بعضها خيرا وبعضها شرا عارض بينهما ثم اخذ بارجحهما واقواهما في الاصول.

فان اشكل عليه سال القاص عن اسمه فعبرها على اسمه كما روي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا اشكل عليكم الرؤيا فخذوا بالاسماء .

ومثال ذلك اذا كان الانسان اسمه سهل دله الرؤيه على السهوله وسالم سلامه واحمد ومحمد يعني محمده ونصر نصره وسعاد سعاده وهكذا مع باقي الاسماء،

هل للرؤيا المناميه ملك موكل بها:


المعلوم ان لله ملائكة موكلون بما يؤمرون. فهناك ملائكه مختصه بالمطر ( ميكائيل)  وهناك ملائكه مختصه بالوحي(جبريل) وملك موكل بباب الجنه اسمه (رضوان) وملك موكل بالنار واسمه  (مالك) وكذلك ملك موكل بالرؤيا التي تراها في منامك
يقال اسمه  (صديقون) وغيرهم مالا يعلم عددهم الا الله .

فاذا رايت شيئا في المنام ، وهي رؤيا حق،
أبصرت ذلك الشيء به، كذلك يعرفك هذا الملك بضياء الله تعالى ومعرفة كل شيء ويهديك ويعلمك ما يصيبك في دنياك وآخرتك من خير أو شر ويبشرك بخير قدمته أو تقدمه، وينذرك بمعصية قد ارتكبتها أو تريد ارتكابها.

فإذا أراك رؤيا منذرة فإنها تخرج في وقت تراها لئلا تكون مغموماً، وإذا أراك حسنة فإنها تخرج بعد ذلك بأيام لتكون في نعمة وسرور، وأصدق الرؤيا ما كان بالأسحار، وأصدق الرؤيا بالنهار.

وقال جعفر الصادق : أصدقها القيلولة ، وقال المعبرون من المسلمين , الرؤيا يراها الإنسان بالروح ويفهمها بالعقل، ومستقر الروح نقطات دم في وسط القلب ومستقر القلب في رسوم الدماغ، والروح معلقة بالنفس، فإذا نام الإنسان امتدت روحه مثل السراج أو الشمس، فيرى بنور الله وضيائه تعالى ما يريه ملك الرؤيا وذهابه ورجوعه إلى النفس مثل الشمس إذا غطاها السحاب وانكشف عنها.

فإذا عادت الحواس باستيقاظها إلى أفعالها ذكر الروح ما أراه ملك الرؤيا وخيل له، وقال بعضهم: إن الحس الروحاني أشرف من الحس الجسماني، لأن الروحاني دال على ما هو كائن، والجسماني دال على ما هو موجود.

واعلم أن تربة كل بلد تخالف غيرها من البلاد لاختلاف الماء والهواء والمكان، فلذلك يختلف تأويل كل طائفة من المعبرين من أهل الكفر والإسلام لاختلاف الطبائع والبلدان كالذى يرى فى بلاد الحر ثلجاً أو جليدا أو برداً فإنه يدل على الغلاء والقحط، ثم إن رأى ذلك في بلد من بلاد البرد فإن ذلك لهم خصب وسعة، والطين والوحل لأهل الهند مال، ولغيرهم محنة وبلاء وبلية، كما أن الضرطة عندهم بشارة وسرور، ولغيرهم كلام قبيح، والسمك في بعض البلاد عفونة، وفى بعضها من واحد إلى أربعة تزويج، وعند اليهود تدل على مصيبة .

واعلم أن الإنسان قد يرى الشيء لنفسه، وقد يراه بنفسه، وهو لغيره من أهله وأقاربه أو شقيقه أو والده أو شبيهه وسميه أو صاحب صنعته أو بلدته أو زوجته أو مملوكه كابي جهل بن هشام رأى في المنام أنه دخل في دين الإسلام، وبايع رسول الله  ﷺ  ، فكان ذلك لابنه، 

وأن أم الفضل أتت النبي ﷺ وقالت: يا رسول الله رأيت أمراً فظيعاً فقال ﷺ ، خيراً رأيت فقالت:  يا رسول الله رأيت بضعة من جسدك قد قطعت، ووضعت في حجري، فقال رسول الله ﷺ : ستلد فاطمة غلامًا وتأخذينه في حجرك ، فأتت فاطمة له من ابن عمها بالحسن وأخذته أم الفضل في حجرها.

ومن أراد أن تصدق رؤياه فليحدث الصدق ويحذر الكذب والغيبة والنميمة، فإن كان صاحب الرؤيا كذابا ويكره الكذب من غيره صدقت رؤياه، وإن كذب ولم يكره الكذب من غيره لم تصدق رؤياه، ويستحب للرجل أن ينام على الوضوء لتكون رؤياه صالحة، والرجل إذا كان غير عفيف يري الرؤيا ولا يذكر شيئا منها لضعف نيته وكثرة ذنوبه ومعاصيه وغيبته ونميمته وينبغي للمعبر إذا قصت عليه الرؤيا أن يقول خيراً رأيت، وخيراً تلقاه، وشراً نتوقاه، خير لنا، وشر لأعدائنا، الحمد لله رب العالمين، أقصص رؤياك، 

وأن يكتم على الناس عوراتهم، ويسمع الرؤيا كاملة ، ويميز بين الشريف والوضيع، ويتمهل ولا يعجل في رد الجواب، ولا يعبر الرؤيا حتى يعرف لمن هي ويميز كل جنس وما يليق به، وليكن العابر عالماً ذكيا تقيا نقيا من الفواحش، عالما بكتاب الله وحديث النبي ولغة العرب وأمثالها، وما يجرى على السنة الناس، 

ولا يعبر الرؤيا في وقت الاضطرار ، 


وهي ثلاثة طلوع الشمس وغروبها، وعند الزوال، وإذا سأل سائل عن رؤيا عناد ولم يكن رأها فلا يترك المعبر سؤالا بغير جواب، فإنه إن كان خيراً فمصروف إلى المعبر، وإن كان شرا فمصروف إلى المعاند، لأنه مخذول، والمجيب منصور على أعدائه،

 كما ورد في قصة يوسف عليه السلام، حين سأله الفتيان في السجن عنادًا فقال : أحدهما إنى أراني أعصر خمرا وقال الآخر إلى أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه (يوسف : (٣٦) فقال لهما يوسف عليه السلام: أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقَى رَبَّهُ خَمْرًا وأما الآخر فيُصلب فتأكل الطير مِن رَّأْسِهِ قُضَى الأَمرُ الَّذِي فِيهِ تستفتيان . (يوسف).

وإن عبر المعبر رؤياه عناداً على سبيل الاعوجاج، فإنه إن كان خيراً فهو للسائل، وإن كان شرا فهو للمعبر، ولا يقص الرائى رؤياه إلا على عالم أو ناصح، ولا يقصها على جاهل أو عدو، والرؤيا على رجل طائر ما لم يحدث بها، فإذا حدث وقعت، ولا يقص أحد رؤياه على معبر وفي مصره أو إقليمه معبر أحذق منه، لأن فرعون يوسف لما قص رؤياه على معبري بلده فقالوا : أضغاث أحلام لم تبطل رؤياه، وسأل عنها يوسف فعبرها له فخرجت،  ويحترز من الكذب فقد روى عن رسول الله اللهم أنه قال: من كذب في الرؤيا كلف يوم القيامة عقد شعيرة، ومن كذب على عينيه لا يجد رائحة الجنة، 

وإن أعظم الفرية أن يفترى الرجل على عينيه، يقول: رأيت، ولم ير شيئًا»  ، وقال بعضهم : إن الكاذب في رؤياه مدعي النبوة كاذبا، لأنه ورد في الحديث، كما قدمناه أن الرؤيا جزء من أجزاء النبوة، ومدعي الجزء كمدعى الكل. 

وقال بعض العلماء: 

ينبغى أن يعبر الرؤيا المسئول عنها على مقادير الناس ومراتبهم ومذاهبهم وأديانهم وأوقاتهم وبلدانهم وأزمنتهم وفصول سنتهم، والتعبير يكون بالمعنى وباشتقاق الأسماء.
والميت في دار حق، فما قاله في المنام حق، وكذلك الطفل الذي لا يعرف الكذب، وكذلك
الدواب وسائر الحيوانات والطيور، إذا تكلمت في المنام فقولها حق، وكلام الكذاب في اليقظة كالمنجم والكاهن فكذلك قوله فى المنام كذب، 

وكلام ما لا يتكلم كالجمادات آية وأعجوبة، وقد يقع التعبير بالمثل السائر واللفظ المبتذل، كقولهم في الصائغ : إنه رجل كذوب، لما جرى على السنة الناس من قولهم: فلان يصوغ الأحاديث، وكقولهم فيمن يرى أن في يديه طولا أنه يصطنع المعروف لما جرى على السنة الناس من قولهم : هو أطول بدأ منك، وأمد باعا، أي أكثر عطاء .

وقد يكون التأويل بالضد والمقلوب، كقولهم في البكاء: إنه فرح، وفي الضحك: إنه حزن، والطاعون: إنه حرب، وفي الحرب: إنه طاعون، وفي السيل: إنه عدو، وفي العدو: إنه سيل، وفي أكل التين : إنه ندامة، وفى الندامة: إنها أكل تين، وفى الجراد إنه جند، وفي الجند: إنه جراد.

وأولى ما يكون التعبير بالقرآن والسنة، إن وجد المعبر فيهما شاهداً للرؤيا، كمن يرى نفسه في السفينة نجاة من الخوف، قال تعالى : فأنجيناه وأصحاب السفينة ) (العنكبوت: (١٥) وكمن يرى في منامه أنه وقع في بئر فإنه يمكر به لقوله : «البئر جبار»  ، وقد يكون التعبير بالشعر، كمن يرى غنما ترعى فأتى الذئب عليها ففرقها وقتل بعضها، فإن ذلك يدل على أن سلطان تلك الناحية يضيع رعيته حتى يتولى أمرهم عدوه، لقول بعض الشعراء :

ومن رعى غنما في أرض مأسدة
ونام عنها تولى رعيها الأسد

الخاتمة 

معلومة في غاية الأهمية لكل مفسرين الأحلام:

 تعبير الرؤيا لا يكون إلا بعد معرفة الأصول: - مثل أن يعرف أن القمح والشعير والتين والدقيق والعسل واللبن والصوف والحديد والملح والتراب ونحو ذلك أموال. 

- وأن الحيوانات الذكور : كالأسد والذئب وغيرها من الحيوانات الذكور، والجبل والشجر والطين والوحش، ونحو ذلك (رجال).
- وأن كل مركوب : كالسرج والإكاف والسراويل وإناث الطير والبهائم ونحو ذلك (نساء).
- وأن النمارق والوسائد والأباريق والطسوت ونحو ذلك خدم وعبيد ، وقدر كل واحد منها على قدر كل صنف في صنفه .
- وأن كل ابتداء يراه الإنسان في منامه دون انتهاء، فإن الأمر الذي هو طالبه في الواقع لا يبلغ آخره ،
- وأن كل نزول في المنام من مركب فإنه نزول من حال كان عليه في اليقظة .

وللمعبرين طرق كثيرة في استخراج التأويل وذاك غير محصور بل هو قابل للزيادة باعتبار معرفة المعبر وكمال حذقه وديانته والفتح عليه بهذا العلم، والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم.

شاهد أيضا من ايقونة جوجل 👇👇 : رؤية النبي محمد صلى الله عليه وسلم في المنام

















تعليقات

عدد التعليقات : 0